تخلص من التفكير الكارثي

كيف تضع حدا للتفكير المشوه 



في موضوع اليوم سنتحدث عن خطاء فادح في طريقة تفكيرنا الكارثي أو السوداوي، أو مايسمي " التشوهات المعرفية " وهي تلك القناعات التي لا أساس لها في واقعنا مع ذالك نؤمن بها و نضخمها، والنتيجة تزايد رهيب في القلق و التوتر و المخاوف في بعض الأحيان.

لذالك إذا أردت الغوص في فهم هذه القناعات و كيفية التعامل معها أو التخلص منها، أنصحك عزيزي القارئ بتخصيص خمسة دقائق من وقتك قبل الشروع بقراءة بقية المقال.


في البداية علينا أن نفهم كيف نقوم عادة بخلق أفكار و سيناريوهات كارثية داخل عقلنا لتصبح بمثابة قناعة مشوهة راسخة نؤمن بها، ولنبدئ بمثال بسيط على ذالك السهمين التي سينكمل بها فهم بقية المقال .





السهم الأول
تلك التجارب المألوفة بالنسبة إلينا والغير موفقة وهي جزء لا مفر منه في الحياة اليومية، بدءا بالأمور المادية مثل إحتراق المصباح الكهربائي عند إشعاله أو مشكلة في الكمبيوتر إلى التجارب المزعجة و الأكثر عمقا كالاستيقاظ المزعج بسبب ألم مزمن أو فقدان وظيفة أو صديق. و الحياة بحد ذاتها صعبة كفاية فقط للتعامل مع هذا السهم الأول.



السهم الثاني
أما تلك الأفكار السوداوية أو الكارثية التي تثير المشاعر سلبية لدينا و تعكر من صفوة مزاجنا و هي ناتجة من تضخيم الأمور و تشويه التجارب الدارجة في السهم الأول وهذا هو ( السهم الثاني ).





في الغالب عندما نواجه تجربة مزعجة ( في السهم الأول )، نميل حتما إلى رد فعل سلبية، لكن التجربة في حد ذاتها لاترتقي إلى ذالك المستوى الكارثي،
مثلا عندما يحترق المصباح الذي هو ( في السهم الأول )  تكون ردة الفعل المشوهة بهذه الطريقة
“لماذا تحترق المصابيح دائماً معي، من المحتمل أن يحترق المصباح الجديد في الأيام القادمة، و مرة أخرى لماذا أنا ؟”.
و هكذا نسقط في  ( السهم الثاني )، تضخيم التجربة الغير موفقة ونجعلها تصبح كارثية، وهذا ما يفقدنا الشعور بالسلام في حياتنا.
أما السهم الثاني فهو غير ضروري، ولا حاجة له في حياتنا، و نحن من نشكله عن طريق إختبارنا لخيبة الأمل في السهم الأول و بدلا من مجرد الإعتراف به و محاولة جعل الأمور تسير على نحو ٱفضل تجدنا نسقط في تيار من الأفكار المشوهة و العواطف المتوترة. 
على سبيل المثال كان بإمكاننا تغيير المصباح الكهربائي، أو أخذ حمام دافئ لمحاولة تخفيف الألم الجسدي، و نتجنب الأفكار المشوهة التي لا حاجة لها.
إستخدمت مثال المصباح الكهربائي لأنها ببساطة تجربة تافهة. ومع ذلك، حين تحدث معك، كم من مرة تقول بدون مبالغة
"أوه حسنا، مصباح قد احترق، ما من مشكلة كبيرة في ذالك، سأقوم بتبديله فحسب"؟.
وعن التجربة المزعجة عند الاستيقاظ المنفر مع الألم المزمن، فبدلا من المحافظة على الهدوء والانتظار لمعرفة ما إذا كان الألم سيخف مع تقدم النهار، نميل إلى الكارثية من خلال إقناع أنفسنا بأن هذه هي طبيعتنا الجديدة، و نقول لأنفسنا :
“إن هذا الألم لن يدعني، سأكون شقيا لبقية حياتي هذه المعناة لن تفارقني أبدا ”.
هذه بالظبط تجربة السهم الثاني، وليس من المستغرب أن تكون هي المصدرا الطبيعي للتوتر والقلق.
من خلال هذه العادات التي قمنا بتطويرها في حياتنا صرنا بارعون جدا في جعل أنفسنا أكثر بؤسا عن طريق تضخيم كل خيبات الأمل والإحباطات التي نعانيها أو نختبرها حتى تبدو وكأنها كوارث فعلا.
كيف نوقف الأفكار المشوهة
للتخلص من الميل نحوة الكارثية، تمعن جيدا في تجربتك تلك، و إبدأ بتذكير نفسك أن كل هذه التجارب الغير موفقة ماهي إلا جزء لا مفر منه في الحياة، ومحاولتك في إعادة توجيه أفكارك بشأن أي تجربة محبطة، تهدد بشكل لإطلاق السهم الثاني في الأمثلة التي ذكرتها لك.
حاول أن تذكر نفسك بأن الجميع لامحالة يحتاج في بعض الأحيان إلى تبديل المصابيح الكهربائية، وذلك ليس بالأمر المهم،
و الألم الذي تشعر به في الصباح لا يعني أنك سوف تعانيه كل صباح،  كل شيء يتغير هكذا هي الحياة بما في ذلك مستويات الألم.
بمعنى ضع حدا لهذا النوع من التفكير المشوه مهما كان نوعه، عن طريق إدراكك له أولا، و بدلا من الإنخرط فيه واجه هذا التفكير بإعتماد وجهة نظر واقعية لما يحدث،
أنا لا أقول بأن هذا سيكون سهلا دائما.
ربما نشأت على عادة حياتية مشوهة وهي تضخيم الأشياء بشكل غير متناسب وإفتراض أسؤء ما يمكن أن يحدث وبالأخص عن ذاتك.
لكن الأمر الجيد هنا هو أن هذه العادات يمكن أن تتغير، والخطوة الأولى لها هي أن تدرك كيف كنت تجعل الحياة أكثر صعوبة لنفسك عن طريق تضخيم التجارب غير الموفقة وتضخمها أكثر من اللازم.
وفي الأول أقترح عليك البدء بأمور صغيرة مع هذا المصباح الكهربائي مثلا أو مع أي شيء آخر قد سقط منك، بدلا من تشويه أفكارك
"دائما أنا أسقط الأشياء ودائما ستسقط إلى الأبد"، فإن أفضل شي تفعله هو الحفاظ على الهدوء وعدم السير مباشرة تجاه المبالغة والكارثيّة للتجارب الطفيفة الغير الموفقة ومن الأفضل أن تحافظة على سلامك الداخلي عندما تصيبك أقسى تجارب السهام الأولى .




أخيرا أتمنى أن تكون إستفدت ولو بشكل بسيط من المقال لا تنسى الأخذ بالنصيحة و تطبيق هذا العلاج المعرفي السلوكي على حياتك و أفكارك من أجل تجنب القلق الذي لا لزوم له و القناعات المشوهة التي تهدد سلامك الداخلي.




المصدر 1

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.