التأمل التجريبي


بدأ البشر في ممارسة التأمل منذ آلاف السنين حيث كان يعتبر وسيلة روحانية بهدف فهم الحياة المقدسة و الماورائيات و الوصول لمرحلة الوعي الكامل.




أما الأن فقد صار أحد أنواع الطب التكميلي و هو معتمد من قبل المناهج العلمية و يعد كأحد الطرق المساعدة في عملية الإسترخاء النفسي و الجسدي، و جزء مهم من أجل وصولنا للسلام الداخلي والسكون العقلي و هو مايسمى (التأمل التجريبي).
و ينتج عن ممارسة تقنياته المختلفة عدة مزايا مفيدة منها تناسق في الأفكار، سكون، راحة نفسية، تخفيف الألم، الأرق و الأفكار المزعجة...
ولعلك عندما تسمع كلمة تأمل أول مايخطر في ذهنك تلك الصورة النمطية لشخص يجلس في وضعية القرفصاء أو الأرجل المطوية، مع أعين منمغضة، وأيدي فوق الركبة.
لكن هذه واحدة من عديد من الطرق الممكنة للتأمل و لكل منها تقنية و نتيجة محدد..
تقول عالمة الأعصاب تانيا سينغر، "الناس لا يعرفون الفرق الحقيقي بين كل تقنيات هذه الممارسة وتأثيراتها المختلفة و يضعونها في سلة واحدة إسمها " التأمل " .
بالظبط مثل أن تسأل مختص في الرياضة أي التمرين  يساعد في الحصول على صحة أفضل.
الأمر نفسه يحدث مع التأمل كل نوع يختلف عن غيره بإستهداف مناطق مختلفة من الدماغ و من الأفضل أن تحدد هدفك و الغاية المستهدفة منه ثم إختيار التقنية المناسبة بالنسبة لك.

و إليك قائمة فيها بعض من أنواع و الدراسات التي أجريت على المتطوعين .


أولا " تأمل  الحضور"

وهي 
ببساطة التنفس ببطئ و التركيز على تلك العملية ثم توجيه كل ذاك التركيز على الجسم من أصابع القدمين إلى أعلى الراس، من ثم الإنتقال إلى مراقبة الإدراك و كيف يتم الشعور بالروية، الشم،التذوق، المشي.. واحدة تلوى الإخرى.
دامت التجربة مدة ثلاثة أشهر وقام الباحثون بتصوير أدمغة المتطوعين بالرنين المغناطيسي و تم تقييم الإختلافات حيث إرتبط هذا النوع بسماكة منطقة الفص الجبهي، وهو الجزء المسؤل عن السلوك الإجتماعي، و أيضا الفص الجداري و كلاهما مسؤؤل على الإنتباه و الإهتمام .
ثانيا تأمل: العاطفة
وهذا ما أطلق عليه الباحثون تأمل المحبة، و يشمل كل شي له علاقة 'بالمحبة' و  'العطف' تجاه شخص أخر أو لشي ما في حياتنا .



ثانيا التأمل العاطفي "
و في هذا النوع يبدئ الشخص بتقنية التنفس البطئ و التركيز عليه من ثم المرور إلى مرحلة التفكير في " الإمتنان" و تذكر أي شخص قام في وقت ما بمساعدت أو تقديم شي جيد في حياته مثل الولدين أو الشريك، الأصدقاء، أو الأشخاص الذين مدو له يد المساعدة في وقت ما ، ثم تمديد هذه المشاعر المتدفقة من  الإمتنان و المحبة لأنفسهم ولفاعلي الخير الذين فكروا فيهم.
بعد ثلاثة أشهر من ممارسة هذه التقنية قام الباحثون بفحص دماغ المتطوعين بالرنين المغناطيسي و منه لاحظو زيادات في نظام الجهاز النطاقي، وهو المسؤول عن الإنفعالات والمشاعر والعدوانية والذاكرة والدوافع، و تأثير واضح على الفص الجزيري وهو المسؤول عن الوعي الذاتي والإدراك.



التقنية الثالثة : " تأمل المراقبة "

هذه الطريقة قائمة على التعامل مع الأفكار دون تحليلها. و منها قام المتطوعون بتصنيف أفكارهم كأحداث عقلية بدلا من أحداث واقعية و إدراجها ضمن تصنيفات مثل
الماضي" و "المستقبل"
"أنا"  و " الأشياء أخرى"

"إيجابية" و "سلبية" ..
ومع الوقت تدرب المتطوعون على هذه التقنية و صار من السهل عليهم تصنيف الفكرة و على أنها مجرد أحداث عقلية تأتي و تذهب دون تدخل منهم .
و بعد إكمال التجربة تم ربط هذه التقنية مع مناطق  'السطح الوحشي للفص الجبهي' و'المنطقة اليسرى للفص القذالي' وكلها مسؤلة  عن نظرية العقل أو ما يسمى بتجربة  'سالي وآن' وهي تجربة تستخدم في علم النفس التنموي و التي تجعل الإنسان قادرا على فهم نفسه وللآخرين و فهم حالاتهم العقلية بما فيها من الأفكار والإدراكات ونوايا ورغبات وعواطف ومعارف ومعتقدات...



أخيرا التأمل تجربة فريدة من نوها و مفيدة جدا للعقل و الجسد ككل و يمكن تحقيق ذالك في البيت، أثناء المشي، طيلة ركوب الحافلة أو حتى عند منتصف إجتماع أعمال صعب.

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.